ولما بين لهم هذا البيان الذي أبهت بلغاء الإنس والجان نبههم على تعظيمه لتبجيله وتكريمه بقوله مستأنفاً :﴿كذلك﴾ أي مثل هذا البيان ﴿يبين الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿لكم الآيات﴾ أي كلها ﴿لعلكم تتفكرون﴾ أي ليكون حالكم حال من يرجى أن يحمل نفسه على الفكر،
ومن يكون كذلك ينتفع بفكره.
وقال الحرالي : فتبنون الأمور على تثبيت،
لا خير في عبادة إلا بتفكر،
كما أن الباني لا بد أن يفكر في بنائه،
كما قال الحكيم : أول الفكرة آخر العمل وأول العمل آخر الفكرة،
كذلك من حق أعمال الدين أن لا تقع إلا بفكرة في إصلاح أوائلها السابقة وأواخرها اللاحقة،
فكانوا في ذلك صنفين بما يشعر به ﴿لعلكم﴾ مطابقين للمثل متفكر مضاعف حرثه وجنته وعامل بغير فكرة تستهويه أهواء نفسه فتلحقه الآفة في عمله في حرثه وجنته من سابقه أو لاحقه - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥١٩ ـ ٥٢١﴾


الصفحة التالية
Icon