وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : قَدْ يُشْكِلُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ التَّعْبِيرُ بِثُمَّ الَّتِي تُفِيدُ التَّرَاخِيَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَنَّ أَوِ الْأَذَى الْعَاجِلَ أَضَرُّ وَأَجْدَرُ بِأَنْ يُجْعَلَ تَرْكُهُ شَرْطًا لِتَحْصِيلِ الْأَجْرِ. وَجَوَابُهُ : أَنَّ مَنْ يَقْرِنُ النَّفَقَةَ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى أَوْ يُتْبِعُهَا أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا عَاجِلًا لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَدْخُلَ فِي الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ يُوصَفُ بِالسَّخَاءِ
الْمَحْمُودِ عِنْدَ اللهِ. وَإِذَا كَانَ مَنْ يَمُنُّ أَوْ يُؤْذِي بَعْدَ الْإِنْفَاقِ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ لَا يَعْتَدُّ اللهُ بِإِنْفَاقِهِ وَلَا يَأْجُرُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَقِيهِ الْخَوْفَ وَالْحُزْنَ، أَفَلَا يَكُونُ الْمُتَعَجِّلُ بِهِ أَجْدَرَ بِذَلِكَ ؟ بَلَى، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي السَّخِيِّ الَّذِي يُنْفِقُ فِي سَبِيلِ اللهِ مُخْلِصًا مُتَحَرِّيًا لِلْمَصْلَحَةِ وَالْمَنْفَعَةِ لَا بَاغِيًا جَزَاءً مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَا مُكَافَأَةً، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْمَنِّ وَالْأَذَى الْمُحْبِطَيْنِ لِلْأَجْرِ، كَأَنْ يَرَى مِمَّنْ كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ غَمْطًا لِحِقِّهِ أَوْ إِعْرَاضًا عَنْهُ وَتَرْكًا لِمَا كَانَ مِنِ احْتِرَامِهِ إِيَّاهُ، فَيُثِيرُ بِذَلِكَ غَضَبَهُ حَتَّى يَمُنَّ أَوْ يُؤْذِيَ، وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ مِنَ الْمُخْلِصِينَ فَحَذَّرَهُمُ اللهُ - تَعَالَى - مِنْهُ.


الصفحة التالية
Icon