اللهِ - تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا فِطْرَةَ الْبَشَرِ الَّتِي جَاءَ الدِّينُ لِتَأْدِيبِهَا، وَقَدْ رَأَيْتَ كَلَامَ مَنْ أَيَّدَ مَذْهَبَهُ بِهَدْمِ مَذْهَبِهِمْ، هَكَذَا يَتَجَاذَبُ الْقُرْآنَ أَهْلُ الْمَذَاهِبِ كَلٌّ يَجْذِبُهُ إِلَى مَذْهَبِهِ الَّذِي رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ، فَتَرَاهُمْ عِنْدَمَا يُشَاغِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَتَعَلَّقُونَ بِالْكَلِمَةِ الْمُفْرَدَةِ إِذَا كَانَتْ تَحْتَمِلُ مَا قَالُوا وَيَجْعَلُونَهَا حُجَّةً لِلْمَذْهَبِ وَيُؤَوِّلُونَ مَا عَدَاهَا وَلَوْ بِالتَّمَحُّلِ، وَأَهْلُ الْخِلَافِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي بَيَانِ مَعَانِيهِ.
ثُمَّ شَبَّهَ - تَعَالَى - أَصْحَابَ الْمَنِّ وَالْأَذَى بِالْمُرَائِي أَوْ إِبْطَالَ عَمَلِهِمْ لِلصَّدَقَةِ بِإِبْطَالِ رِيَائِهِ لَهَا فَقَالَ : كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ أَيْ لِأَجْلِ رِيَائِهِمْ أَوْ مُرَائِيًا لَهُمْ ; أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَرَوْهُ فَيَحْمَدُوهُ لَا ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ - تَعَالَى - بِتَحَرِّي مَا حَثَّ عَلَيْهِ مِنْ رَحْمَةِ