فَلَا تَكَادُ تَجِدُ مَنَّانًا وَلَا مُرَائِيًا غَيْرَ مَذْمُومٍ مَمْقُوتٍ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَأَنَّ الْمَنَّ وَالْأَذَى كَالرِّيَاءِ فِي مُنَافَاةِ الْإِخْلَاصِ، وَلَا ثَوَابَ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا لِلْمُخْلِصِينَ فِي أَعْمَالِهِمِ الَّذِينَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَا سُنَنَ اللهِ - تَعَالَى - فِي تَزْكِيَةِ نُفُوسِهِمْ وَإِصْلَاحِ حَالِ النَّاسِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ أَيْ مَضَتْ سُنَّتُهُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الَّذِي يَهْدِي قَلْبَ صَاحِبِهِ إِلَى الْإِخْلَاصِ وَوَضْعِ النَّفَقَاتِ فِي مَوَاضِعِهَا، وَالِاحْتِرَاسِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمَا يَذْهَبُ بِفَائِدَتِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، فَكَانَ الْكَافِرُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ السُّنَّةِ مَحْرُومًا مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ الَّتِي تَجْمَعُ لِصَاحِبِهَا بَيْنَ صَلَاحِ الْقَلْبِ وَالْعَمَلِ وَسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
بَعْدَ هَذَا ضَرَبَ اللهُ الْمَثَلَ لِلْمُخْلِصِينَ فِي الْإِنْفَاقِ لِأَجْلِ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أُولَئِكَ الْمُرَائِينَ وَالْمُؤْذِينَ، وَعَقَّبَهُ بِمَثَلٍ آخَرَ يَتَبَيَّنُ بِهِ حَالُ الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ :
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ


الصفحة التالية
Icon