(التَّفْسِيرُ) الِاسْتِفْهَامُ لِإِنْكَارِ وُقُوعِ أَنَّ يُودَّ الْإِنْسَانُ لَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ مُعْظَمُ شَجَرِهَا الْكَرْمُ وَالنَّخْلُ اللَّذَانِ هُمَا أَجْمَلُ الشَّجَرِ وَأَنْفَعُهُ، كَثِيرَةُ الْمِيَاهِ حَاوِيَةٌ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ الْكَثِيرَةِ قَدْ نِيطَتْ بِهَا آمَالُهُ، وَرَجَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا عِيَالُهُ، وَيُصِيبُهُ الْكِبَرُ الَّذِي يُقْعِدُهُ عَنِ الْكَسْبِ فِي حَالِ كَثْرَةِ ذُرِّيَّتِهِ وَضَعْفِهِمْ عَنْ أَنْ يَقُومُوا بِشَأْنِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ وَلَا لَهُمْ مَوْرِدٌ لِلرِّزْقِ غَيْرَ هَذِهِ الْجَنَّةِ، وَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا بِالْجَنَّةِ قَدْ أَصَابَهَا الْإِعْصَارُ، فَأَحْرَقَهَا بِمَا فِيهِ مِنْ سَمُومِ النَّارِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ مَعَ كَوْنِ الْجَنَّةِ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَرَاتِ هُنَا الْمَنَافِعُ، أَيْ هُوَ مُتَمَتِّعٌ بِجَمِيعِ فَوَائِدِهَا. وَقِيلَ : الْمَعْنَى لَهُ فِيهَا رِزْقٌ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ عَلَى حَدِّ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ [٣٧ : ١٦٤] أَيْ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا لَهُ... إِلَخْ. وَقِيلَ : إِنَّ " مِنْ " بِمَعْنَى بَعْضٍ، وَهِيَ مُبْتَدَأٌ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ مَا مَعْنَاهُ : إِذَا الْتَفَتْنَا عَنْ قَوَاعِدِ النَّحْوِ الْوَضْعِيَّةِ، وَلَمْ نَلْتَزِمْ تَعْلِيلَاتِهَا وَتَدْقِيقَاتِهَا الْفَلْسَفِيَّةَ، وَكَسَرْنَا قُيُودَ سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلِ، أَمْكَنَنَا أَنْ نَفْهَمَ الْعِبَارَةَ مِنْ