وكتب بالألف، وكتبه بعض الكوفيين بالياء نظراً لجواز الإمالة فيه لمكان كسرة الراء ثم ثنّوه بالياء لأجل الكسرة أيضاً قال الزجاج : ما رأيت خطأ أشنع من هذا، ألا يكفيَهم الخَطأ في الخطّ حتى أخطؤوا في التثنية كيف وهم يقرؤون ﴿وما آتيتم من رِبا لتُربُوَ﴾ [ الروم : ٣٩ ] بفتحة على الواو ﴿في أموال الناس﴾ [ الروم : ٣٩ ] يشير إلى قراءة عاصم والأعمش، وهما كوفيان، وبقراءتهما يقرأ أهل الكوفة.
وكُتب الربا في المصحف حيثما وقع بواو بعدها ألف، والشأن أن يكتب ألفاً، فقال صاحب " الكشاف" : كتبت كذلك على لغة من يفخّم أي ينحو بالألف منحى الواو، والتفخيم عكس الإمالة، وهذا بعيد ؛ إذ ليس التفخيم لغة قريش حتى يكتب بها المصحف.
وقال المبرّد : كتب كذلك للفرق بين الربا والزنا، وهو أبعد لأنّ سياق الكلام لا يترك اشتبَاهاً بينهما من جهة المعنى إلاَّ في قوله تعالى :﴿ولا تقربوا الزنا﴾ [ الإسراء : ٣٢ ].
وقال الفراء : إنّ العرب تعلّموا الخطّ من أهل الحيرة وهم نبط يقولون في الربا : رِبَوْ بواو ساكنة فكتبت كذلك، وهذا أبعد من الجميع.
والذي عندي أنّ الصحابة كتبوه بالواو ليشيروا إلى أصله كما كتبوا الألفات المنقلبة عن الياء في أواسط الكلمات بياءات عليها ألفات، وكأنَّهم أرادوا في ابتداء الأمر أن يجعلوا الرسم مشيراً إلى أصول الكلمات ثم استعجلوا فلم يطّرد في رسمهم، ولذلك كتبوا الزكاة بالواو، وكتبوا الصلاة بالواو تنبيهاً على أنّ أصلها هو الركوع من تحريك الصَّلْوَيْن لا من الاصطلاء.
وقال صاحب " الكشاف" : وكتبوا بعدها ألفاً تشبيهاً بواو الجمع.
وعندي أنّ هذا لا معنى للتعليل به، بل إنّما كتبوا الألف بعدها عوضاً عن أن يضعوا الألف فوق الواو، كما وضعوا المنقلب عن ياء ألفاً فوق الياء لئلاّ يقرأها الناس الربُو.