الحجة الثالثة : أن التعدية من محل النص إلى غير محل النص، لا تمكن إلا بواسطة تعليل الحكم في مورد النص، وذلك غير جائز، أما أولاً : فلأنه يقتضي تعليل حكم الله، وذلك محال على ما ثبت في الأصول، وأما ثانياً : فلأن الحكم في مورد النص معلوم، واللغة مظنونة وربط المعلوم بالمظنون غير جائز، وأما جمهور الفقهاء فقد اتفقوا على أن حرمة ربا النقد غير مقصورة على هذه الأشياء الستة، بل هي ثابتة في غيرها، ثم من المعلوم أنه لا يمكن تعدية الحكم عن محل النص إلى غير محل النص إلا بتعليل الحكم الثابت في محل النص بعلة حاصلة في غير محل النص فلهذا المعنى اختلفوا في العلة على مذاهب.
فالقول الأول : وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه : أن العلة في حرمة الربا الطعم في الأشياء الأربعة واشتراط اتحاد الجنس، وفي الذهب والفضة النقدية.
والقول الثاني : قول أبي حنيفة رضي الله عنه : أن كل ما كان مقدراً ففيه الربا، والعلة في الدراهم والدنانير الوزن، وفي الأشياء الأربعة الكيل واتحاد الجنس.
والقول الثالث : قول مالك رضي الله عنه أن العلة هو القوت أو ما يصلح به القوت، وهو الملح.
والقول الرابع : وهو قول عبد الملك بن الماجشون : أن كل ما ينتفع به ففيه الربا، فهذا ضبط مذاهب الناس في حكم الربا، والكلام في تفاريع هذه المسائل لا يليق بالتفسير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٧٥ ـ ٧٦﴾
فائدة
قال القرطبى :
أكثر البيوع الممنوعة إنما تجد منعها لمعنى زيادةٍ إمّا في عين مال، وإمّا في منفعة لأحدهما من تأخير ونحوه.
ومن البيوع ما ليس فيه معنى الزيادة ؛ كبيع الثمرة قبل بُدُوّ صلاحها، وكالبيع ساعة النداء يوم الجمعة ؛ فإن قيل لفاعلها ؛ آكل الربا فتجوُّز وتشبيه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٤٨﴾

فصل في سبب تحريم الربا


قال الفخر :
ذكروا في سبب تحريم الربا وجوهاً


الصفحة التالية
Icon