إنها نكسة خلقية توجد في المجتمع ضغناً، وتوجد في المجتمع حقداً، وتقضي على بقية المعروف وقيمته بين الناس، وتنعدم المودة في المجتمع. فإذا ما رأى إنسان فقير إنساناً غنياً عنده المال، ويشترط الغني على الفقير المعدم أن يعطيه ما يأخذه وأن يزيد عليه، فعلى أية حال ستكون مشاعر وأحاسيس الفقير ؟ كان يكفي الغني أن يعطي الفقير، وأن يسترد الغني بعد ذلك ما أخذه الفقير، ولكن الغني المرابي يطلب من الفقير أن يسدد ما أخذه ويزيد عليه. وكانوا يتعللون ويقولون : إن النص القرآني إنما يتكلم عن الربا في الأضعاف المضاعفة، فإذا ما منعنا القيد في الأضعاف المضاعفة لا يكون حراماً!!
أي أنهم يريدون تبرير إعطاء الفقير مالاً، وأن يرده أضعافاً فقط لا أضعافاً مضاعفة ؛ حتى لا يصير ذلك الاسترداد بالزيادة حراماً. ولهؤلاء نقول : إن الذين يقولون ذلك يحاولون أن يتلصصوا على النص القرآني، وكأن الله قد ترك النص ليتلصصوا عليه ويسرقوا منه ما شاءوا دون أن يضع في النص ما يحول دون هذا التلصص، ولو فطنوا إلى أن الله يقول في آخر الأمر :
وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ
(من الآية ٢٧٩ سورة البقرة)
هذا القول الحاسم يوضح أن الله لم يستثن ضعفاً ولا أضعافاً. إذن فقوله الحق :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠)
(سورة آل عمران)


الصفحة التالية
Icon