قال الحرالي ما معناه : إن الأنصار رضي الله تعالى عنهم من أول مراد بهذه الجملة لأنه سبحانه وتعالى جعل فيهم نصرة دينه.
ولما كان المقصود الأعظم في هذه الحكمة وهذا الهدى إنما هو الهدى للتوسل إلى الجواد بالجود بالنفس والمال النائل عموماً القريب والبعيد والمؤمن والكافر بمنزلة المطر الجود الذي يأخذ السهل والجبل حتى كان هذا الخطاب صارفاً لقوم تحرجوا من الصدقة على فقراء الكفار وصلة قراباتهم منهم فحملوا على عموم الإنفاق - انتهى.
فقال سبحانه وتعالى :﴿وما تنفقوا من خير﴾ أي مال ومعروف على مؤمن أو كافر يحل فعل ذلك معه ولو قل " لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة " ﴿فلأنفسكم﴾ كما قيل له ﷺ عن شاة ذبحت : ذهبت أي بالهدية والصدقة إلا رقبتها! فقال : بقيت إلا رقبتها! فهو يفهم أنكم إن بخلتم أو مننتم فإنما تفعلون ذلك بأنفسكم.
ولما كان الكلام في النفقة مع المؤمنين المنفقين وفي سبيل الله وعبر عنها بالخير وكل ذلك إشارة إلى الإخلاص الحري بحال المؤمن فقال :﴿وما﴾ أي والحال أنكم ما ﴿تنفقون إلا ابتغاء﴾ أي إرادة.
ولما كان تذكر الوجه لما له من الشرف أدعى إلى الاجتهاد في تشريف العمل بإحسانه وإخلاصه قال :﴿وجه الله﴾ أي الملك الأعظم من سد خلة فقير أو صلة رحم مسلم أو كافر تجوز الصدقة عليه لا لأنفسكم ولا غيرها بل تخلصاً من إمساك المال بأداء الأمانة فيه إلى عباد الله لأنهم عباده،
هذا هو الذي يدعو إليه الإيمان فلا يظن لمؤمن أن يفعل غيره وذلك يقتضي البعد جداً عن الأذى والرياء وكل نقيصة والملابسة لكل ما يوجب القبول من الكمال الحسي والمعنوي.