روى سعيد بنُ جبير مُرْسَلاً عن النبيّ ﷺ في سبب نزول هذه الآية أن المسلمين كانوا يتصدّقون على فقراء أهل الذمّة، فلما كثُر فقراء المسلمين قال رسول الله ﷺ :" لا تتصدّقوا إلاَّ على أهل دينكم " فنزلت هذه الآية مبيحة للصدقة على من ليس من دِين الإسلام.
وذكر النقّاش :" أن النبيّ ﷺ أُتِيَ بصدقات فجاءه يهوديّ فقال : أعطني.
فقال النبيّ ﷺ ؛ " ليس لك من صدقة المسلمين شيء".
فذهب اليهوديّ غير بعيد فنزلت :﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ فدعاه رسول الله ﷺ فأعطاه "، ثم نسخ الله ذلك بآية الصدقات. (١)
وروى ابن عباس أنه قال : كان ناس من الأنصار لهم قرابات من بني قُرَيظة والنَضَّير، وكانوا لا يتصدّقون عليهم رغبة منهم في أن يُسلموا إذا احتاجوا، فنزلت الآية بسبب أُولئك.
وحكى بعض المفسّرين أن أسماء ابنة أبي بكر الصدّيق أرادت أن تصل جَدَّها أبا قُحافة ثم امتنعت من ذلك لكونه كافراً فنزلت الآية في ذلك.
وحكى الطبريّ أن مقصد النبيّ ﷺ بمنع الصدقة إنما كان ليُسلموا ويدخلوا في الدين، فقال الله تعالى :﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾.
وقيل :﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ ( ليس متصلاً ) بما قبلُ، فيكون ظاهراً في الصدقات وصرفها إلى الكفار، بل يحتمل أن يكون معناه ابتداء كلام. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٣٧﴾

_______
(١) لا يخفى ما فى هذه الرواية من البعد البعيد ومجانبة الصواب لكونها مخالفة لما هو معلوم عن رسول الله ـ ﷺ ـ الذى قال الله فى حقه ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ فقد كان ﷺ رحمة مهداة حتى بالحيوان الأعجم فكيف بالنفس البشرية ؟ ؟!!!
وما ثبت أنه رد سائلا قط حتى ولو كان كافرا
والذى يدرس آيات العتاب فى حقه ﷺ يجد أن الله تعالى عاتبه على فرط رحمته وشفقته بالمشركين فى قوله تعالى فى سورة الأنفال ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧)﴾. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon