لأنه لا يمكن أحد أن يكافىء ما لله سبحانه وتعالى عليه من نعمه، فمن نوقش الحساب عذب ؛ فإن كنتم تحبون المجاوزة عنكم هنالك فتجاوزوا أنتم عن إخوانكم اليوم،
وتصدقوا ما دمتم قادرين على الصدقة،
واتقوا النار في ذلك اليوم ولو بشق تمرة ؛ وأشار سبحانه وتعالى إلى طول وقوفهم ذلك الموقف في مقام الهيبة وتمادي حبسهم في مشهد الجلال والعظمة بأداة التراخي في قوله ﴿ثم﴾ قال الحرالي وقيل :" يا رسول الله! أين يكون الناس ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات﴾ [ إبراهيم : ٤٨ ] ؟ قال : في الظلمة دون الجسر " وقال ﷺ :" يقيمون في الظلمة ألف سنة " وورد عن علي رضي الله تعالى عنه في تفصيل مواقف يوم الجزاء أن الخلق يوقفون على قبورهم ألف سنة ويساقون إلى المحشر ألف سنة،
ويوقفون في الظلمة ألف سنة ؛ ثم يكون انشقاق السماوات السبع وتبديل الأرض وما شاء الله سبحانه وتعالى من أمره انتظاراً لمجيئه ؛ ففي عبرة مقاله والله سبحانه وتعالى أعلم أن ذلك يكون ستة آلاف سنة وأنها كما بنيت في ستة أيام تهدم في ستة أيام ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده﴾ [ الأنبياء : ١٠٤ ]،
فيكون ذلك تسعة أيام ؛ ويكون مجيئه في اليوم العاشر الذي هو يوم عاشوراء ذلك اليوم الذي تكرر مجيء أمره فيه في يوم الدنيا - ثم وصف ﷺ المواقف إلى منتهاها - انتهى.
ولما كان إيقاف الإنسان على كل ما عمل من سر وعلن في غاية الكراهة إليه فضلاً عن جزائه على كل شيء منه لا بالنسبة إلى موقف معين بني للمفعول قوله :﴿توفى﴾ أي تعطى على سبيل الوفاء ﴿كل نفس ما كسبت﴾ من خير وشر.
قال الحرالي : جاء بصيغة فعل المشعر بجري العمل على غير تكلف وتحمل،


الصفحة التالية
Icon