ذلك شأن الذنوب التي يقام فيها الحدّ.. يتطهر منها مرتكبوها بإقامة حدود اللّه عليهم..
أما « الربا » فهو باب وحده من أبواب الشر والفساد، وخطيئته تحيط بصاحبه، وتخالط كيانه الروحي والجسدى، فلا ينجو منه إلا بالتوبة الخالصة ونقض يديه من هذا الوزر.. إلى غير رجعة.. وإلا فهو حصب جهنم..
« وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ».
ثانيا : الربا محاربة سافرة للّه ولرسوله، إذ كان بغيا على عباد اللّه الفقراء، وتحكّما فى أرزاقهم، وإفسادا لحياتهم، وتضييعا لهم.. إنه قتل خفىّ جماعىّ للفقراء المستضعفين فى المجتمع، ولهذا تولّى اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ الدفاع عنهم، والانتقام لهم، ممن ظلموهم، وأوردوهم هذا المورد المهلك.. « فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ».
. فاللّه سبحانه هو الذي أعلن هذه الحرب على المرابين، وكفى بحرب يعلنها اللّه، وكفى بجرم يعلن اللّه الحرب على مرتكبيه!! إن اللّه ـ سبحانه ـ لم يعلن الحرب على غير هذا الصنف من المفسدين..
وهم المتعاملون بالرّبا! حتى أولئك الذين أعلنوا الحرب على اللّه وعلى رسوله، لم يؤذنهم اللّه بحرب، كما يقول سبحانه وتعالى :« إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ».
(٣٣ : المائدة) فلم يعلن سبحانه وتعالى الحرب على هؤلاء العصاة المتمردين، الذين سعوا فى الأرض فسادا، وأعلنوا الحرب على اللّه وعلى رسوله.. ولكنه أعلنها