المحق نقصان الشيء حالا بعد حال، ومنه المحاق في الهلال يقال : محقه الله فانمحق وامتحق، ويقال : هجير ماحق إذا نقص في كل شيء بحرارته. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٨٣﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن محق الربا وإرباء الصدقات يحتمل أن يكون في الدنيا، وأن يكون في الآخرة، أما في الدنيا فنقول : محق الربا في الدنيا من وجوه
أحدها : أن الغالب في المرابي وإن كثر ماله أنه تؤول عاقبته إلى الفقر، وتزول البركة عن ماله، قال ﷺ :" الربا وإن كثر فإلى قُلّ "
وثانيها : إن لم ينقص ماله فإن عاقبته الذم، والنقص، وسقوط العدالة، وزوال الأمانة، وحصول اسم الفسق والقسوة والغلظة
وثالثها : أن الفقراء الذين يشاهدون أنه أخذ أموالهم بسبب الربا يلعنونه ويبغضونه ويدعون عليه، وذلك يكون سبباً لزوال الخير والبركة عنه في نفسه وماله
ورابعها : أنه متى اشتهر بين الخلق أنه إنما جمع ماله من الربا توجهت إليه الأطماع، وقصده كل ظالم ومارق وطماع، ويقولون : إن ذلك المال ليس له في الحقيقة فلا يترك في يده، وأما إن الربا سبب للمحق في الآخرة فلوجوه
الأول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : معنى هذا المحق أن الله تعالى لا يقبل منه صدقة ولا جهاداً، ولا حجاً، ولا صلة رحم
وثانيها : إن مال الدنيا لا يبقى عند الموت، ويبقى التبعة والعقوبة، وذلك هو الخسار الأكبر
وثالثها : أنه ثبت في الحديث أن الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة عام، فإذا كان الغني من الوجه الحلال كذلك، فما ظنك بالغني من الوجه الحرام المقطوع بحرمته كيف يكون، فذلك هو المحق والنقصان.
وأما إرباء الصدقات فيحتمل أن يكون المراد في الدنيا، وأن يكون المراد في الآخرة.
أما في الدنيا فمن وجوه


الصفحة التالية
Icon