قال الفخر :
أمن فلان غيره إذا لم يكن خائفاً منه، قال تعالى :﴿هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ﴾ [ يوسف : ٦٤ ] فقوله ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا﴾ أي لم يخف خيانته وجحوده ﴿فَلْيُؤَدّ الذى اؤتمن أمانته﴾ أي فليؤد المديون الذي كان أميناً ومؤتمناً في ظن الدائن، فلا يخلف ظنه في أداء أمانته وحقه إليه، يقال : أمنته وائتمنته فهو مأمون ومؤتمن.
ثم قال :﴿وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ﴾ أي هذا المديون يجب أن يتقي الله ولا يجحد، لأن الدائن لما عامله المعاملة الحسنة حيث عول على أمانته ولم يطالبه بالوثائق من الكتابة والإشهاد والرهن فينبغي لهذا المديون أن يتقي الله ويعامله بالمعاملة الحسنة في أن لا ينكر ذلك الحق، وفي أن يؤديه إليه عند حلول الأجل، وفي الآية قول آخر، وهو أنه خطاب للمرتهن بأن يؤدي الرهن عند استيفاء المال فإنه أمانة في يده، والوجه هو الأول. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٠٦﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
وقد أطلق هنا اسم الأمانة على الدَّين في الذمّة وعلى الرهن لتعظيم ذلك الحق لأنّ اسم الأمانات له مهابَة في النفوس، فذلك تحذير من عدم الوفاء به ؛ لأنّه لما سمّي أمانة فعدم أدائه ينعكس خِيانة ؛ لأنّها ضدّها، وفي الحديث : أدِّ الأمَانَة إلى من ائتَمنك ولا تَخن من خانك. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٢٢﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَمَانَتَهُ ﴾ الأمانة مصدر سمى به الشيء الَّذي في الذمة، وأضافها إلى الذي عليه الدين من حيث لها إليه نسبة ؛ كما قال تعالى :﴿ وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ ﴾ [ النساء : ٥ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٤١٥﴾
فصل
قال الفخر :