والضالون هم النصارى الذين بيّن أمرهم وشأنهم ؛ فيجب على من رغب في سلوك الصراط المستقيم أن يحذر ما أصاب هؤلاء مما نبه عليه وأن يأخذ نفسه بكذا وكذا وأن ينسحب إيمانه على كل ذلك،
وأن يسلم الأمر لله الذي تطلب منه الهداية،
ويتضرع إليه بأن لا يؤاخذه بما يثمره الخطأ والنسيان،
وأن لا يحمله ما ليس في وسعه، وأن يعفو عنه - إلى آخر السورة ؛ انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٥٣ ـ ٥٥٦﴾
وقال ابن عاشور :
قال الزجاج :" لما ذكر الله في هذه السورة أحكاماً كثيرةً، وقصصاً، ختمها بقوله :﴿ آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ﴾ تعظيماً لنبيّه ﷺ وأتباعه، وتأكيداً وفذلكة لجميع ذلك المذكور من قبل".
يعني : أنّ هذا انتقال من المواعظ، والإرشاد، والتشريع، وما تخلّل ذلك : ممّا هو عون على تلك المقاصد، إلى الثناء على رسوله والمؤمنين في إيمانهم بجميع ذلك إيماناً خالصاً يتفرّع عليه العمل ؛ لأنّ الإيمان بالرسول والكتاب، يقتضي الامتثالَ لما جاء به من عمل.
فالجملة استئناف ابتدائي وضعت في هذا الموقع لمناسبة ما تقدم، وهو انتقال مؤذن بانتهاء السورة لأنّه لما انتقل من أغراض متناسبة إلى غرض آخر : هو كالحاصل والفذلكة، فقد أشعر بأنّه استوفى تلك الأغراض. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٣١ ـ ١٣٢﴾
فصل
قال الفخر :
في كيفية النظم وجوه الأول : وهو أنه تعالى لما بيّن في الآية المتقدمة كمال الملك، وكمال العلم، وكمال القدرة لله تعالى، وذلك يوجب كمال صفات الربوبية أتبع ذلك بأن بين كون المؤمنين في نهاية الانقياد والطاعة والخضوع لله تعالى، وذلك هو كمال العبودية وإذا ظهر لنا كمال الربوبية، وقد ظهر منا كمال العبودية، فالمرجو من عميم فضله وإحسانه أن يظهر يوم القيامة في حقنا كمال العناية والرحمة والإحسان اللّهم حقق هذا الأمل.