قال علماؤنا : قوله في الرواية الأُولى " قد فعلت" وهنا قال :" نعم" دليل على نقل الحديث بالمعنى، وقد تقدّم.
ولما تقرّر الأمر على أن قالوا : سمعنا وأطعنا، مدحهم الله وأثنى عليهم في هذه الآية، ورفع المشقَّةَ في أمر الخواطر عنهم ؛ وهذه ثمرة الطاعة والانقطاع إلى الله تعالى ؛ كما جرى لبني إسرائيل ضدُّ ذلك من ذمّهم وتحميلهم المشقّات من الذّلّة والمسكنة والانْجِلاء إذ قالوا : سمعنا وعصينا ؛ وهذه ثمرة العصيان والتمرّد على الله تعالى، أعاذنا الله من نِقَمِه بمنّه وكرمه.
وفي الحديث " أن النبيّ ﷺ قيل له : إن بيت ثابت بن قيس بن شماس يزهَر كل ليلة بمصابيح.
قال :" فلعله يقرأ سورة البقرة" فسُئِل ثابت قال : قرأت من سورة البقرة ﴿ آمَنَ الرسول ﴾ نزلت حين شقّ على أصحاب النبيّ ﷺ ما توعدهم الله تعالى به من محاسبتهم على ما أخفته نفوسهم، فشكوا ذلك إلى النبيّ ﷺ فقال :" فلعلكم تقولون سمعنا وعصينا كما قالت بنو إسرائيل" قالوا : بل سمعنا وأطعنا ؛ فأنزل الله تعالى ثناء عليهم ﴿ آمَنَ الرسول بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ ﴾ فقال ﷺ :" وحق لهم أن يؤمنوا" ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٤٢٥ ـ ٤٢٨﴾

فصل


قال الفخر :
قوله تعالى :﴿آمن الرسول بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ﴾ فالمعنى أنه عرف بالدلائل القاهرة والمعجزات الباهرة أن هذا القرآن وجملة ما فيه من الشرائع والأحكام نزل من عند الله تعالى، وليس ذلك من باب إلقاء الشياطين، ولا من نوع السحر والكهانة والشعبذة، وإنما عرف الرسول لأنه ﷺ ذلك بما ظهر من المعجزات القاهرة على يد جبريل عليه السلام.


الصفحة التالية
Icon