وأجاب من خالف في هذا القول بأن إضافة الفعل إلى جزء من أجزاء البدن إنما يكون لأجل أن أعظم أسباب الإعانة على ذلك الفعل إنما يحصل من ذلك العضو، فيقال : هذا مما أبصرته عيني وسمعته أذني وعرفه قلبي، ويقال : فلان خبيث الفرج ومن المعلوم أن أفعال الجوارح تابعة لأفعال القلوب ومتولدة مما يحدث في القلوب من الدواعي والصوارف، فلما كان الأمر كذلك فلهذا السبب أضيف الآثم ههنا إلى القلب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٠٧﴾
فصل
قال القرطبى :
وتعرّضت هنا ثلاث مسائل تَتِمّة أربع وعشرين.
الأُولى اعلم أن الذي أمر الله تعالى به من الشهادة والكتابة لمراعاة صلاح ذات البَيْن ونفى التنازع المؤدّي إلى فساد ذات البَيْن ؛ لئلا يسوّل له الشيطان جحود الحق وتجاوز ما حدّ له الشرع، أو ترك الاقتصار على المقدار المستحق ؛ ولأجله حرّم الشرع البياعات المجهولة التي اعتيادها يؤدّي إلى الاختلاف وفساد ذات البين وإيقاع التضاغُن والتباين.
فمن ذلك ما حرمه الله من الميْسِر والقِمار وشرب الخمر بقوله تعالى :﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشيطان أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العداوة والبغضآء فِي الخمر والميسر ﴾ الآية.
فمن تأدّب بأدب الله في أوامره وزواجره حاز صلاح الدنيا والدِّين ؛ قال الله تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ [ النساء : ٦٦ ] الآية.