وقال أبو حيان :
ومناسبتها ظاهرة، لأنه لما ذكر أن من كتم الشهادة فإن قلبه آثم، ذكر ما انطوى عليه الضمير، فكتمه أو أبداه، فإن الله يحاسبه به، ففيه وعيد وتهديد لمن كتم الشهادة، ولما علق الإثم بالقلب ذكر هنا الأنفس، فقال :﴿ وأن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ﴾ وناسب ذكر هذه الآية خاتمة لهذه السورة لأنه تعالى ضمنها أكثر علم الأصول والفروع من : دلائل التوحيد، والنبوّة، والمعاد، والصلاة، والزكاة، والقصاص، والصوم، والحج، والجهاد، والحيض، والطلاق، والعدّة، والخلع، والإيلاء، والرضاعة، والربا، والبيع، وكيفية المداينة.
فناسب تكليفه إيانا بهذه الشرائع أن يذكر أنه تعالى مالك لما في السموات وما في الأرض، فهو يلزم من شاء من مملوكاته بما شاء من تعبداته وتكليفاته.
ولما كانت هذه التكاليف محل اعتقادها إنما هو الأنفس، وما تنطوي عليه من النيات، وثواب ملتزمها وعقاب تاركها إنما يظهر في الدار الآخرة، نبه على صفة العلم التي بها تقع المحاسبة في الدار الآخرة بقوله :﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ﴾ فصفة الملك تدل على القدرة الباهرة، وذكر المحاسبة يدل على العلم المحيط بالجليل والحقير، فحصل بذكر هذين الوصفين غاية الوعد للمطيعين، وغاية الوعيد للعاصين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٧٥﴾
قوله تعالى ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾


الصفحة التالية
Icon