فأفادهم بذلك أنه لا يحاسبهم بحديث النفس الذي لا عزم فيه ؛ فانتفى ما شق عليهم من قوله ﴿وإن تبدوا ما في أنفسكم﴾ - الآية،
بخلاف ما أفاد بني إسرائيل قولهم ﴿سمعنا وعصينا﴾ [ البقرة : ٩٣ ] من الآصار في الدنيا والآخرة،
فيكون حينئذ استئنافاً جواباً لمن كأنه قال : هل أجاب دعاءهم ؟ ويكون شرح قوله أول السورة :﴿أولئك على هدى من ربهم﴾ [ البقرة : ٥ ] ويؤيد هذا الاحتمال اتباعه لحكم ما في الوسع على طريق الاستئناف أو الاستفتاح بقوله :﴿لها﴾ أي خاصاً بها ﴿ما كسبت﴾ وذكر الفعل مجرداً في الخير إيماء إلى أنه يكفي في الاعتداد به مجرد وقوعه ولو مع الكسل بل ومجرد نيته.
قال الحرالي : وصيغة فعل مجردة تعرب عن أدنى الكسب فلذلك من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة - انتهى.
﴿وعليها﴾ أي بخصوصها ﴿ما اكتسبت﴾ فشرط في الشر صيغة الافتعال الدالة على الاعتمال إشارة إلى أن من طبع النفس الميل إلى الهوى بكليتها وإلى أن الإثم لا يكتب إلاّ مع التصميم والعزم القوي الذي إن كان عنه عمل ظاهر كان بجد ونشاط ورغبة وانبساط،
فلذلك من همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه،
وربما جاءت العبارة بخلاف ذلك لمعنى في ذلك السياق اقتضاه المقام. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٥٦ ـ ٥٥٧﴾