وهذه السورة نزلت بالمدينة بالاتفاق، بعد سورة البقرة، فقيل، أنها ثانية لسورة البقرة على أن البقرة أول سورة نزلت بالمدينة، وقيل : نزلت بالمدينة سورة المطففين أولا، ثم البقرة، ثم نزلت سورة آل عمران، ثم نزلت الأنفال في وقعة بدر، وهذا يقتضي : أن سورة آل عمران نزلت قبل وقعة بدر، للاتفاق على أن الأنفال نزلت في وقعة بدر، ويبعد ذلك أن سورة آل عمران اشتملت على التذكير بنصر المسلمين يوم بدر، وأن فيها ذكر يوم أحد، ويجوز أن يكون بعضها نزل متأخرا. وذكر الواحدي في أسباب النزول، عن المفسرين : أن أول هذه السورة إلى قوله ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران : ٨٤] نزل بسبب وفد نجران، وهو وفد السيد والعاقب، أي سنة اثنين من الهجرة، ومن العلماء من قالوا : نزلت سورة آل عمران بعد سورة الأنفال، وكان نزولها في وقعة أحد، أي شوال سنة ثلاث، وهذا أقرب، فقد أتفق المفسرون على أن قوله تعالى ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ [آل عمران : ١٢١] أنه قتال يوم أحد. وكذلك قوله ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ [آل عمران : ١٤٤] فإنه مشير إلى الإرجاف يوم أحد بقتل النبي صلى الله عليه وسلم.