إن المعركة بين الأمة المسلمة وبين أعدائها هي قبل كل شيء معركة هذه العقيدة. وحتى حين يريد أعداؤها أن يغلبوها على الأرض والمحصولات والاقتصاد والخامات، فإنهم يحاولون أولا أن يغلبوها على العقيدة، لأنهم يعلمون بالتجارب الطويلة أنهم لا يبلغون مما يريدون شيئا والأمة المسلمة مستمسكة بعقيدتها، ملتزمة بمنهجها، مدركة لكيد أعدائها.. ومن ثم يبذل هؤلاء الأعداء وعملاؤهم جهد الجبارين في خداع هذه الأمة عن حقيقة المعركة، ليفوزوا منها بعد ذلك بكل ما يريدون من استعمار واستغلال، وهم آمنون من عزمة العقيدة في الصدور !
وكلما ارتقت وسائل الكيد لهذه العقيدة، والتشكيك فيها، والتوهين من عراها، استخدم أعداؤها هذه الوسائل المترقية الجديدة. ولكن لنفس الغاية القديمة :(ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم !!!).. فهذه هي الغاية الثابتة الدفينة !
لهذا كان القرآن يدفع هذا السلاح المسموم أولا.. كان يأخذ الجماعة المسلمة بالتثبيت على الحق الذي هي عليه ; وينفي الشبهات والشكوك التي يلقيها أهل الكتاب ; ويجلو الحقيقة الكبيرة التي يتضمنها هذا الدين ; ويقنع الجماعة المسلمة بحقيقتها وقيمتها في هذه الأرض، ودورها ودور العقيدة التي تحملها في تاريخ البشرية.
وكان يأخذها بالتحذير من كيد الكائدين، ويكشف لها نواياهم المستترة ووسائلهم القذرة، وأهدافهم الخطرة، وأحقادهم على الإسلام والمسلمين، لاختصاصهم بهذا الفضل العظيم..
وكان يأخذها بتقرير حقيقة القوى وموازينها في هذا الوجود. فيبين لها هزال أعدائها، وهوانهم على الله، وضلالهم وكفرهم بما أنزل الله إليهم من قبل وقتلهم الأنبياء. كما يبين لها أن الله معها، وهو مالك الملك المعز المذل وحده بلا شريك. وأنه سيأخذ الكفار [ وهو تعبير هنا عن اليهود ] بالعذاب والنكال ; كما أخذ المشركين في بدر منذ عهد قريب.
وكانت هذه التوجيهات تتمثل في أمثال هذه النصوص :


الصفحة التالية
Icon