(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخوانا. وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون...)..
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون. لن يضروكم إلا أذى، وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون. ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا - إلا بحبل من الله وحبل من الناس - وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة. ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)..
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا. ودوا ما عنتم. قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر. قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون. ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم، وتؤمنون بالكتاب كله. وإذا لقوكم قالوا : آمنا، وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ. قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور. إن تمسسكم حسنة تسؤهم، وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها. وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا. إن الله بما يعملون محيط).
ومن هذه الحملة الطويلة التي اقتطفنا منها هذه الآيات، وتنوع توجيهاتها وتلقيناتها تتبين عدة أمور :
أولها : ضخامة الجهد الذي كان يبذله أهل الكتاب في المدينة وغيرها، وعمق الكيد وتنوع أساليبه، واستخدام جميع الوسائل لزعزعة العقيدة وخلخلة الصف المسلم من ورائها.
وثانيها : ضخامة الآثار التي كان هذا الجهد يتركها في النفوس وفي حياة الجماعة المسلمة، مما اقتضى هذا البيان الطويل المفصل المنوع المقاطع والأساليب.