قال تعالى "إِنَّ هذا" الذي قصصنا عليك يا سيد الرسل "لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ" الذي لا مرية فيه "وَما مِنْ إِلهٍ" يستحق العبادة في الكون كله "إِلَّا اللَّهُ" لا عيسى ولا عزير ولا الملائكة ولا غيرهم كما يزعم أهل الكتاب وبعض المشركين العرب وغيرهم، وما ذلك إلا نقص في عقولهم، وخاصة الأصنام فلا يعبدها من فيه ذرة من عقل لأنها معرضة للهوان والذل، ومحتاجة إلى الحفظ من عابديها "وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ" الغالب العظيم "الْحَكِيمُ" (٦٢) البالغ في الحكمة الذي لا رب غيره "فَإِنْ تَوَلَّوْا" عنك وفد نجران وغيرهم ولم يقبلوا نصحك وإرشادك بعد ما تبين لهم الحق فهم قوم ميالون للفساد فأعرض عنهم "فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ" (٦٣) لا يخفى عليه شيء من أحوالهم، فيا سيد الرسل أدعهم أولا
إلى المساواة معك بأن "قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ" لعلهم يؤمنون بك وينقادون لأمرك "فَإِنْ تَوَلَّوْا" بعد هذا أيضا وأعرضوا عن الإجابة بعد أن سويتهم بنفسك "فَقُولُوا" لهم أنت وأصحابك "اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (٦٤) للّه وحده ومنقادون لأمره وأنتم وشأنكم.
كررت هذه الآية المبدوءة بنا أهل الكتاب ست مرات في القرآن العظيم، هذه والآيتان الآتيتان ٦٩ و٧٠ وفي الآية ١٧٠ من سورة النساء وفي الآيتين ١٦ و٢١ من سورة المائدة الآتيتين.


الصفحة التالية
Icon