قال تعالى مبينا شأن أولئك الظالمين "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ" عند ما تطلبه منه دون مماطلة أو جحود تقيّدا بما أمرهم اللّه به من أداء الأمانة "وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً" بالمطالبة والإلحاح "ذلِكَ" عدم أدائه الأمانة ناشىء عن استحلال مال من لم يكن على دينهم خلافا لدينهم "بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ" أي ليس عليهم إثم في أكل أموال الأميين أمة محمد لأنهم على غير دينهم ويعزون هذا إلى التوراة، فكذّبهم اللّه بقوله "وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ" بنسبة ما لم يذكره في كتابهم إليه "وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (٧٥) أنه كذب، والواو هنا حالية أي يقولون ذلك والحال أنهم يعلمون خلافه وعدم صحته.
قالوا نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن سلام إذ أودع عنده رجل من قريش قبل إسلامه ألفا ومئتي أوفية من ذهب فأداها إليه حال طلبه والشق الأخير منها في فنخاص ابن عازوراء إذ استودعه رجل من العرب دينارا واحدا فجحده ولم يؤده إليه إلا بعد مخاصمة وبيّنة.
وهي عامة في كل من هذا شأنه من الطرفين، وقد بينا ما يتعلق بحق الأمانة أول سورة المؤمنين في ج ٢ فراجعها ولبحثها صلة آخر سورة الأحزاب الآتية.