قال تعالى "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما" تقرأ بفتح اللام أي من أجل الذي، وبكسرها توطئة للقسم، لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستخلاف، ويكون المعنى وإذا استخلف النبيين للذي "آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ" من الكتب الإلهية، وجواب القسم قوله "لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ" أي الرسول والمراد به هنا محمد صلّى اللّه عليه وسلم لما أخرج ابن جرير عن علي كرم اللّه وجهه قال : لم يبعث اللّه نبيا، آدم فمن بعده إلا أخذ اللّه تعالى عليه العهد في محمد صلّى اللّه عليه وسلم لئن بعث وهو حيّ ليؤمنن به وليتصرنه ويأمره فيأخذ العهد على قومه، ثم تلا هذه الآية.
وإذا كان حكم الأنبياء هكذا فأممهم من باب أولى، لأن العهد مع المتبوع عهد مع التابع حتما "قالَ" تعالى بعد أخذ العهد عليهم "أَ أَقْرَرْتُمْ" بهذا الميثاق "وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ" العهد "إِصْرِي" ميثاقي "قالُوا أَقْرَرْنا قالَ" تعالى لهم "فَاشْهَدُوا" على بعضكم في هذا الإقرار "وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ" (٨١) عليه وعلى تشاهدكم على بعضكم، ثم هدد من ينكث ذلك الميثاق بقوله "فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ" فأعرض عن هذا الميثاق ونكث عهده وأنكر شهادته ولم يؤمن بهذا الرسول "فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ" (٨٢) الخارجون عن الإيمان كله هذا عهد النبوة أما عهد الربوبية فقد تقدم في الآية ١٧٣ من سورة الأعراف ج ١ فراجعه.
ولما تخاصم إلى حضرة الرسول وفد نجران مع اليهود في ادعاء كل منهم دين إبراهيم وقال لهما كل منكما بريء منه، وقالا له لا نرضى بقضائك ولا نأخذ