وما [لا] يتصوّر أَضافه إِلى الله وهو قوله ﴿فَيَكُوْنُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وأُبْرِئُ الأَكْمَهُ وَالأَبْرَصَ﴾ مما [لا] يكون فى طوق البشر، فإِن الأَكمه عند بعض المفسرين الأَعمشُ، وعند بعضهم الأَعشى، وعند بعضهم من يولد أَعمى، وإِحياء الموتى من فعل الله فأَضافه إِليه.
وما فى المائدة من كلام الله سبحانه وتعالى، فأَضاف جميع ذلك إلى صنعه إِظهاراً لعجز البشر، وكذلك الثانى يعود إِلى الثلاثة الأُخرى.
قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ وكذلك فى مريم و [فى] الزخرف فى هذه القصَّة ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ بزيادة (هو) قال تاج القُراء إِذا قلت: زيد قائم فيحتمل أَن يكون تقديره: وعمرو قائم.
فإذا قلت زيد هو القائم خصصت القيام به، وهو كذلك فى الآية.
وهذا مثاله لأَن (هو) يذكر فى هذه المواضع إِعلاماً بأَن المبتدأَ مقصور على هذا الخبر (وهذا الخبر) مقصور عليه دون غيره والذى فى آل عمران وقع بعد عشر آيات نزلت فى قصة مريم وعيسى، فاستغنت عن التأكيد بما تقدم من الآيات، والدَّلالة على أَن الله سبحانه وتعالى ربّه وخالقه لا أَبواه ووالده كما زعمت النصارى.
وكذلك فى سورة مريم وقع بعد عشرين آية من قصتها.
وليس كذلك ما فى الزخرف فإِنه ابتداء كلام منه فحسن التأكيد بقوله (هو) ليصير المبتدأ مقصوراً على الخبر المذكور فى الآية وهو إِثبات الربوبيَّة ونفى الأُبوّة، تعالى الله عند ذلك علوًّا كبيرًا.
قوله ﴿بِأَنَّا مُسْلِمُوْنَ﴾ فى هذه السورة، وفى المائدة ﴿بِأَنَّنَا مُسْلِمُوْنَ﴾ لأَن ما فى المائدة أَول كلام الحَوَاريين، فجاءَ على الأَصل، وما فى هذه السورة تكرار كلامهم فجاز فيه التخفيف (لأَن التخفيف) فرع والتكرار فرع والفرع بالفرع أَولى.