فقارعوا عليها سهامهم فخرج سهم زكريا فكفلها أي ضمها إليه وفي الحديث كافل اليتيم له كذا وقال الحسن قبلها وتحملها وقال أبو عبيدة معنى كفلها ضمها أو ضمن القيام بها ٤٦ - وقوله تعالى كاما دخل عليها زكريا الحراب وجد عندها رزقا المحراب في اللغة المكان العالي ويستعمل لاشرف المواضع وان لم يكن عاليا الا انه روي ان زكريا كان يصعد إليها بسلم
ومعنى وجد عندها رزقا على قول مجاهد وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ٤٧ - وقوله تعالى قال يا مريم انى لك هذا قال أبو عبيدة المعنى من اين لك وهذا القول فيه تساهل لأن أين سؤال عن المواضع وأنى سؤال عن المذاهب والجهات والمعنى من أي المذاهب ومن أي الجهات لك هذا وقد فرق الكميت بينهما فقال * أنى ومن أين آبك الطرب * من حيث لاصبوة ولا ريب *
قالت هو من عند الله من قبل الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب أي بغير تقتير ٤٨ - وقوله تعالى فنادته الملائكة روي أن جبريل ﷺ هو الذي ناده وحده وهذا لا يمتنع في اللغة كما تقول ركب فلان السفن وانما ركب سفينة واحدة أي ركب هذا الجنس ٤٩ - وقوله تعالى مصدقا بكلمة من الله قال ابن عباس صدق بعيسى وقال الضحاك بشر بعيسى ومعنى بشرته أظهرت في بشرته السرور
فان قيل فما تسميه عيسى بالكلمة ففي هذا
اقوال أحدهما انه لما قال الله عز وجل كن فكان سماه بالكلمة فالمعنى على هذا ذو كلمة الله كما قال تعالى واسأل القرية وقيل سمي بهذا كما يقال عبد الله وألقاها على اللفظ وقيل لما كانت الانبياء قد بشرت به وأعلمت انه يكون من غير فحل وبشر الله مريم به كما قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا فلما ولدته على الصفة التي وصف بها


الصفحة التالية
Icon