وجوز صاحب "المغني" أن تكون شرطية، والجواب محذوف لدلالة قوله ﴿يُصَوِّرُكُمْ﴾ عليه وهو بعيد ؛ لأنها لا تأتي في الشرط إلا مقترنة بما. وأما قول الناس كيف شاء فعل فلحن. وكذلك جزم الفعل بعدها قد عد لحنا عند جمهور أئمة العربية.
ودل تعريف الجزأين على قصر صفة التصوير عليه تعالى وهو قصر حقيقي لأنه كذلك في الواقع ؛ إذ هو مكون أسباب ذلك التصوير وهذا إيماء إلى كشف شبهة النصارى إذ توهموا أن تخلق عيسى بدون ماء أب دليل على أنه غير بشر وأنه إله وجهلوا أن التصوير في الأرحام وإن اختلفت كيفياته لا يخرج عن كونه خلقا لما كان معدوما فكيف يكون ذلك المخلوق المصور في الرحم إلها. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٢ ـ ١٣﴾
قال الفخر :
قال الواحدي : التصوير جعل الشيء على صورة، والصورة هيئة حاصلة للشيء عند إيقاع التأليف بين أجزائه وأصله من صاره يصوره إذا أماله، فهي صورة لأنها مائلة إلى شكل أبويه وتمام الكلام فيه ذكرناه في قوله تعالى :﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ [ البقرة : ٢٦٠ ] وأما الأرحام فهي جمع رحم وأصلها من الرحمة، وذلك لأن الاشتراك في الرحم يوجب الرحمة والعطف، فلهذا سمي ذلك العضو رحماً، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٤٤﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿هُوَ الذي يُصَوِّرُكُمْ﴾ أخبر تعالى : عن تصويره للبشر في أرحام الأُمهات.
وأصل الرحِم من الرّحْمة، لأنها مما يُتَراحَم به.
واشتقاق الصُّورَة من صاره إلى كذا إذا أماله ؛ فالصورة مائلة إلى شَبَهٍ وهَيْئة.
وهذه الآية تعظيم لله تعالى، وفي ضمنها الرد على نصارى نَجْران، وأنّ عيسى من المَصوَّرين، وذلك مما لا ينكره عاقل.
وأشار تعالى إلى شرح التّصْوير في سورة "الحج" و"المؤمنون".
وكذا شرحه النبيّ ﷺ في حديث ابن مسعود، على ما يأتي هناك بيانه إن شاء الله تعالى.
وفيها الردّ على الطبائعيين أيضاً إذْ يجعلونها فاعلةً مستبِدّة.


الصفحة التالية
Icon