كما تطرق إلى أسمائه من اسمه ﴿إله﴾ إلى غايه اسمه " الصبور " وكما كان إحاطة هذا الألف أعظم إحاطة حرفية وسائر الألفات أسماء لعظيم إحاطتة ؛ وكذلك هذه الميم أعظم إحاطة ميم تفصلت فيه وكانت له أسماء بمنزلة ما هي سائر الألفات أسماء لمسمى هذا الألف كذلك سائر الميمات اسم لمسمى هذا الميم،
كما أن اسمه ﴿الحي القيوم﴾ أعظم تمام كل عظيم من أسماء عظمته ؛ وكذلك هذه اللام بمنزلة ألفه وميمه،
وهي لام الإلهية الذي أسراره لطيف التنزل إلى تمام ميم قيوميته ؛ فمن لم ينته إلى فهم معاني الحروف في هذه الفاتحة نزل له الخطاب إلى ما هو إفصاح إحاطتها في الكلم والكلام المنتظم في قوله :﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾،
فهو قرآن حرفي يفصله قرآن كلمي يفصله قرآن كلامي انتهى.
فقوله :﴿الله﴾ أي الذي آمن به الرسول وأتباعه بما له من الإحاطة بصفات الكمال ﴿لا إله إلا هو﴾ أي متوحد لا كفوء له فقد فاز قصدكم إليه بالرغبة وتعويلكم عليه في المسألة.
قال الحرالي : فما أعلن به هذا الاسم العظيم أي الله في هذه الفاتحة هو ما استعلن به في قوله تعالى :﴿قل هو الله أحد﴾ [ الإخلاص : ١ ]،
ولما كان إحاطة العظمة أمراً خاصاً لأن العظمة إزاء الله الذي لا يطلع عليه إلا صاحب سر كان البادي لمن دون أهل الفهم من رتبة أهل العلم اسمه " الله الصمد " الذي يعنى اليه بالحاجات والرغبات المختص بالفوقية والعلو الذي يقال للمؤمن عنه : أين الله ؟ فيقول : في السماء،
إلى حد علو أن يقول : فوق العرش،
فذلك الصمد الذي أنبأ عنه اسمه ﴿إله﴾ الذي أنزل فيه إلزام الإخلاص والتوحيد منذ عبدت في الأرض الأصنام،
فلذلك نضم توحيد اسمه الإله بأحدية مسمى هو من اسمه العظيم " الله "، ورجع عليه باسم المضمر الذي هو في جبلات الأنفس وغرائز القلوب الذي تجده غيباً في بواطنها فتقول فيه : هو،


الصفحة التالية
Icon