وأما السجود فقد ورد في التوراة كثيراً لأحاد الناس من غير نكير، فكأنه كان جائزاً في شرائعهم فعله لغير الله سبحانه وتعالى على وجه التعظيم والله سبحانه وتعالى أعلم، وأما نحن فلا يجوز فعله لغير الله، ولا يجوز في شريعتنا أصلاً إطلاق الأب ولا الابن بالنسبة إليه سبحانه وتعالى، وكذا كل لفظ أوهم نقصاً سواء صح أن ذلك كان جائزاً في شرعهم أم لا، وإذا راجعت تفسير البيضاوي لقوله سبحانه وتعالى في البقرة ﴿إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون﴾ [ البقرة : ١١٧ ] زادك بصيرة فيما هنا ؛ والحاصل أنهم لم يصرفوا ذلك في حق عيسى عليه الصلاة والسلام عن ظاهره وحقيقته وتحكموا بأن المراد منه المجاز وهو هنا إطلاق اسم الملزوم على اللازم، وكذا غيره من متشابه الإنجيل، كما فعلنا نحن بمعونة الله سبحانه وتعالى في وصف الله سبحانه وتعالى بالرضى والغضب والرحمة والضحك وغير ذلك مما يستلزم حمله على الظاهر وصفات المحدثين، وكذا ذكر اليد والكف والعين ونحو ذلك فحملنا ذلك كله على أن المراد منه لوازمه وغاياته مما يليق بجلاله سبحانه وتعالى مع تنزيهنا له سبحانه وتعالى عن كل نقص وإثباتنا له كل كمال، فإن الله سبحانه وتعالى عزه وجده وجل قدره ومجده أنزل حرف المتشابه ابتلاء لعباده لتبين الثابت من الطائش والموقن من الشاك.