أما البحث الثاني : فلقائل أن يقول : الساكن إذا حرك حرك إلى الكسر، فلم اختير الفتح ههنا، قال الزجاج في الجواب عنه : الكسر ههنا لا يليق، لأن الميم من قولنا ﴿الم﴾ مسبوقة بالياء فلو جعلت الميم مكسورة لاجتمعت الكسرة مع الياء وذلك ثقيل، فتركت الكسرة واختيرت الفتحة، وطعن أبو علي الفارسي في كلام الزجاج، وقال : ينتقض قوله بقولنا : جير، فإن الراء مكسورة مع أنها مسبوقة بالياء، وهذا الطعن عندي ضعيف، لأن الكسرة حركة فيها بعض الثقل والياء أختها، فإذا اجتمعا عظم الثقل، ثم يحصل الانتقال منه إلى النطق بالألف في قولك ﴿الله﴾ وهو في غاية الخفة، فيصير اللسان منتقلاً من أثقل الحركات إلى أخف الحركات، والانتقال من الضد إلى الضد دفعة واحدة صعب على اللسان، أما إذا جعلنا الميم مفتوحة، انتقل اللسان من فتحة الميم إلى الألف في قولنا ﴿الله﴾ فكان النطق به سهلاً، فهذا وجه تقرير قول سيبويه، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٣٢ ـ ١٣٤﴾