ندري أقليلاً أعطيت أم كثيراً ثم قال : قوموا ثم قال أبو ياسر لأخيه ومن معه : وما يدريكم لعله لقد جمع هذا كله لمحمد ؟ فقالوا : لقد تشابه علينا أمره". وقد أخرج ذلك البخاري في "التاريخ" وابن جرير وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إلا أن فيه فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم وهو مؤذن بعدم الجزم بذلك ومع هذا يبعده ما تقدم من رواية "إن الله تعالى أنزل في شأن أولئك الوفد من مصدر آل عمران إلى بضع وثمانين آية" وعلى تقدير الإغماض عن هذا يحتمل أن يكون وجه اتصال الآية بما قبلها أن في المتشابه خفاءاً كما أن تصوير ما في الأرحام كذلك أو أن في هذه تصوير الروح بالعلم وتكميله به وفيما قبلها تصوير الجسد وتسويته فلما أن في كل منهما تصويراً وتكميلاً في الجملة ناسب ذكره معه ولما أن بين التصوير الحقيقي الجسماني والذي ليس هو كذلك من الروحاني من التفاوت والتباين ترك العطف. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٧٩﴾
فصل
قال القرطبى :
خرّج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : تلا رسول الله ﷺ ﴿هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابتغاء الفتنة وابتغاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله والراسخون فِي العلم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب﴾ قالت : قال رسول الله ﷺ :
" إذا رأيتم الذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم " وعن أبي غالب قال : كنت أمشي مع أبي أُمَامة وهو على حمارٍ له، حتى إذا انتهى إلى دَرَج مسجد دمشق فإذا رؤوس منصوبة ؛ فقال : ما هذه الرُّؤوس ؟ قيل : هذه رؤوس خوارج يجاء بهم من العراق.