البحث الأول : في اشتقاقه، قال الفرّاء التوراةَ معناها الضياء والنور، من قول العرب ورى الزند يرى إذا قدح وظهرت النار، قال الله تعالى :﴿فالموريات قَدْحاً﴾ [ العاديات : ٢ ] ويقولون : وريت بك زنادي، ومعناه : ظهر بك الخير لي، فالتوراة سميت بهذا الاسم لظهور الحق بها، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا موسى وهارون الفرقان وَضِيَاء﴾ [ الأنبياء : ٤٨ ].
البحث الثاني : لهم في وزنه ثلاثة أقوال :
القول الأول : قال الفرّاء : أصل التوراة تورية تفعلة بفتح التاء، وسكون الواو، وفتح الراء والياء، إلا أنه صارت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها.
القول الثاني : قال الفرّاء : ويجوز أن تكون تفعلة على وزن توفية وتوصية، فيكون أصلها تورية، إلا أن الراء نقلت من الكسر إلى الفتح على لغة طيىء، فإنهم يقولون في جارية : جاراة، وفي ناصية : ناصاة، قال الشاعر :
فما الدنيا بباقاة لحي.. وما حي على الدنيا بباق
والقول الثالث : وهو قول الخليل والبصريين : إن أصلها : وورية، فوعلة، ثم قلبت الواو الأولى تاء، وهذا القلب كثير في كلامهم، نحو : تجاه، وتراث، وتخمة، وتكلان، ثم قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت توراة وكتبت بالياء على أصل الكلمة، ثم طعنوا في قول الفرّاء، أما الأول : فقالوا : هذا البناء نادر، وأما فوعلة فكثير، نحو : صومعة، وحوصلة، ودوسرة والحمل على الأكثر أولى، وأما الثاني : فلأنه لا يتم إلا بحمل اللفظ على لغة طيىء، والقرآن ما نزل بها ألبتة.
البحث الثالث : في التوراة قراءتان : الإمالة والتفخيم، فمن فخم فلأن الراء حرف يمنع الإمالة لما فيه من التكرير، والله أعلم.