من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب﴾ أي القرآن الجامع للأصول والفروع ولما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وفي التعبير عنه باسم الجنس إيذان بتفوقه على بقية الأفراد في الانطواء على كمالات الجنس كأنه هو الحقيق بأن يطلق عليه اسم الكتاب دون ما عداه كما يلوح إليه التصريح باسم "التوراة" و"الإنجيل"، وفي الإتيان بالظرف وتقديمه على المفعول الصريح واختيار ضمير الخطاب، وإيثار على على إلى ما لا يخفى من تعظيمه ﷺ والتنويه برفعة شأنه عليه الصلاة والسلام ؛ والجملة إما مستأنفة أو خبر آخر للاسم الجليل أو هي الخبر، وما قبل كله اعتراض أو حال، و﴿الحى القيوم﴾ [ آل عمران : ٢ ] صفة أو بدل، وقرأ الأعمش ﴿نَزَّلَ﴾ بالتخفيف، ورفع الكتاب والجملة حينئذٍ منقطعة عما قبلها، وقيل : متعلقة به بتقدير من عنده ﴿بالحق﴾ أي بالصدق في أخباره أو بالعدل كما نص عليه الراغب أو بما يحقق أنه من عند الله تعالى من الحجج القطعية وهو في موضع الحال أي متلبساً بالحق أو محقاً، وفي "البحر" يحتمل أن يكون الباء للسببية أي بسبب إثبات الحق ﴿مُصَدّقاً﴾ حال من الكتاب إثر حال أو بدل من موضع الحال الأول أو حال من الضمير في المجرور وعلى كل حال فهي حال مؤكدة ﴿لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي الكتب السالفة والظرف مفعول ( مصدقاً ) واللام لتقوية العمل وكيفية تصديقه لما تقدم تقدمت ﴿وَأَنزَلَ﴾ ذكرهما تعييناً ( لما بين يديه ) وتبييناً لرفعة محله بذلك تأكيد لما قبل وتمهيد لما بعد ولم يذكر المنزل عليه فيهما لأن الكلام في الكتابين لا فيمن نزلا عليه والتعبير بأنزل فيهما للإشارة إلى أنه لم يكن لهما إلا نزول واحد وهذا بخلاف القرآن فإن له نزولين، نزول من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من سماء الدنيا جملة واحدة، ونزول من ذلك إليه ﷺ منجماً في ثلاث وعشرين سنة على المشهور، ولهذا يقال فيه : نزل وأنزل وهذا أولى مما قيل