فأي ناس هؤلاء الذين قال عنهم :﴿ هُدًى لِّلنَّاسِ ﴾ ؟ لاشك أنهم الناس الذين عاصروا الدعوة لتلك الكتب. وإذا كان القرآن قد جاء مصداقا لما في التوراة والإنجيل ألا تكون هذه الكتب هداية لنا أيضا ؟ نعم هي هداية لنا، ولكن الهداية إنما تكون بتصديق القرآن لها، حتى لا يكون كل ما جاء فيهما ومنسوبا إليهما حجة علينا. فالذي يصدقه القرآن هو الحجة علينا، فيكون ﴿ هُدًى لِّلنَّاسِ ﴾ معناها : الذين عاصروا هذه الديانات وهذه الكتب، ونحن مؤمنون بما فيها بتصديق القرآن لها.
وحين يقول الحق سبحانه وتعالى :" وأنزل الفرقان " يدل على أن الكتاب ـ أي القرآن ـ سيعاصر مهمة صعبة ؛ فكلمة " الفرقان " لا تأتي إلا في وجود معركة، ونريد أن نفرق بين أمرين : هدى وضلال، حق وباطل، شقاء وسعادة، استقامة وانحراف، إذن فكلمة " الفرقان " تدل على أن القرآن إنما جاء ليباشر مهمة صعبة وهو أنه يفرق بين الخير والشر، ومادام يفرق بين الخير والشر إذن ففيه خير وله معسكر، وفيه شر وله معسكر، إذن ففيه فريقان. ويأتي للفريق الذي يدافع عن الحق نضالاً وجهاداً بما يفرق له ويميز به بين الحق والباطل ويختم الحق هذه الآية بقوله :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾.


الصفحة التالية
Icon