قال الحرالي : أول موقع العين على الصورة نظر، ومعرفة خبرتها الحسية بصر، ونفوذه إلى حقيقتها رؤية، فالبصر متوسط بين النظر والرؤية كما قال سبحانه وتعالى :﴿وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون﴾ [ الأعراف : ١٩٨ ] فالعبرة هي المرتبة الأولى لأولي الأبصار الذين يبصرون الأواخر بالأوائل، فأعظم غلبة بطشه في الابتداء غلبة بدر، وأعظمها في الانتهاء الغلبة الخاتمة التي لا حرب وراءها، التي تكون بالشام في آخر الزمان - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣١ ـ ٣٣﴾
وقال الآلوسى :
﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ﴾ من تتمة القول المأمور به جيء به لتقرير مضمون ما قبله وتحقيقه والخطاب لليهود أيضاً واختاره شيخ الإسلام وذهب إليه البلخي أي قد كان لكم أيها اليهود المغترون بعددهم وعددهم ﴿ءايَةً﴾ أي علامة عظيمة دالة على صدق ما أقول لكم أنكم ستغلبون ﴿فِي فِئَتَيْنِ﴾ أي فرقتين أو جماعتين من الناس كانت المغلوبة منهما مدلة بكثرتها معجبة بعزتها فأصابها ما أصابها ﴿التقتا﴾ يوم بدر ﴿فِئَةٌ تقاتل فِى سَبِيلِ الله﴾ فهي في أعلى درجات الإيمان ولم يقل مؤمنة مدحاً لهم بما يليق بالمقام ورمزاً إلى الاعتداد بقتالهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٩٥﴾
فائدة
قال الفخر :
لم يقل : قد كانت لكم آية، بل قال :﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ﴾ وفيه وجهان :
الأول : أنه محمول على المعنى، والمراد : قد كان لكم إتيان هذا آية.
والثاني : قال الفرّاء : إنما ذكر للفصل الواقع بينهما، وهو قوله ﴿لَكُمْ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٦٤﴾
قال ابن عادل :
" قَدْ كَانَ " جواب قسم محذوفٍ، و" آيَةٌ " اسم " كان " ولم يُؤنث الفعلُ ؛ لأن تأنيث الآية مجازيٌّ، ولأنها بمعنى الدليل والبرهان.
وقال بعضهم : محمول على المعنى، والمعنى : قد كان لكم بيانُ هَذه الآيةِ.
وفي خبر " كان " وَجهَانِ :
أحدهما : أنه " لَكُم " و" فِي فِئَتَيْنِ " في محل رفع نَعْتاً لِ " آيَةٌ ".


الصفحة التالية
Icon