والمعنى : تَرَوْنَ - أيها المؤمنون - الفئةَ الكافرةَ مثلي الفئة المقاتلة في سبيل الله، [ فكأنه ] قيل : ترونهم - أيها المؤمنون - مثليكم، وهو جواب حسن.
فإن قيل : كيف يرونهم مثليهم رأيَ العينِ، وقد كانوا ثلاثة أمثالكم ؟
فالجواب : أن الله - تعالى - إنما أظهر للمسلمين من عدد المشركين القدر الذي علم المسلمون أنهم يغلبونهم ؛ وذلك لأنه - تعالى - قال :﴿فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مائة صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ﴾ فأظهر ذلك العدد [ من المشركين ] للمؤمنين ؛ تقوية لقلوبهم، وإزالةٌ للخوف عن صدورهم.
الثالث : أن يكون الخطاب في " لَكُمْ " وفي " تَرَونَهُم " للكفار وهم قريش، والضمير المنصوب والمجرور للمؤمنين أي : قد كان لكم - أيها المشركون - آية ؛ حيث ترون المسلمين مثلي أنفسهم في العدد، فيكون قد كثرهم في أعين الكفارِ، ليجبنُوا عنهم، فيعود السؤالُ المذكور بين هذه الآية، وآية الأنفال، وهي قوله تعالى :﴿وَيُقَلِّلُكُمْ في أَعْيُنِهِمْ﴾ [ الأنفال : ٤٤ ]، فكيف يقال - هنا - إنه يكثرهم ؟ فيعود الجواب المتقدم باختلاف الحالتين، وهو أنه قللهم أولاً، ليجترئ عليهم الكفارُ، فلما التقى الجمعان كثرهم في أعينهم ؛ ليحصل لهم الخَوَرُ والفَشَلُ.
الرابع : كالثالث، إلا أن الضمير في " مثليهم " يعود على المشركين، فيعودُ ذلك السؤالُ، وهو أنه كان ينبغي أن يقال : مثليكم، ليطابق الكلام، فيعود الجوابان.