وفي صحيح مسلم :" حُفِّت الجنة بالمكاره وحُفّت النار بالشهوات " رواه أنس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وفائدة هذا التمثيل أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره وبالصبر عليها.
وأن النار لا ينْجَى منها إلا بترك الشهوات وفِطام النفس عنها.
وقد روى عنه ﷺ أنه قال :" طريق الجنة حزْنٌ برَبْوة وطريق النار سهل بسَهْوَة " ؛ وهو معنى قوله :" حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " أي طريق الجنة صعبة المسلك فيه أعلى ما يكون من الرّوَابِي، وطريق النار سهل لا غِلظ فيه ولا وعورة، وهو معنى قوله "سهل بسهوة" وهو بالسين المهملة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٨﴾
فصل
قال الفخر :
قوله ﴿حُبُّ الشهوات﴾ فيه أبحاث ثلاثة :
البحث الأول : أن الشهوات ههنا هي الأشياء المشتهيات سميت بذلك على الاستعارة للتعلق والاتصال، كما يقال للمقدور قدرة، وللمرجو رجاء وللمعلوم علم، وهذه استعارة مشهورة في اللغة، يقال : هذه شهوة فلان، أي مشتهاه، قال صاحب "الكشاف" : وفي تسميتها بهذا الاسم فائدتان : إحداهما : أنه جعل الأعيان التي ذكرها شهوات مبالغة في كونها مشتهاة محروصاً على الاستمتاع بها والثانية : أن الشهوة صفة مسترذلة عند الحكماء مذمومة من اتبعها شاهد على نفسه بالبهيمية، فكان المقصود من ذكر هذا اللفظ التنفير عنها.
البحث الثاني : قال المتكلمون : دلّت هذه الآية على أن الحب غير الشهوة لأنه أضاف الحب إلى الشهوة والمضاف غير المضاف إليه، والشهوة من فعل الله تعالى، والمحبة من أفعال العباد وهي عبارة عن أن يجعل الإنسان كل غرضه وعيشه في طلب اللذات والطيبات.