ففي هذه الآية الانتقال من عال إلى أعلى منه، ولذلك جاء في سورة براءة، قد ذكر تعالى الجنات والمساكن الطيبة فقال :﴿ورضوان من الله أكبر﴾ يعنى أكبر مما ذكر من ذكر من الجنات والمساكن.
وقال الماتريدي : أهل الجنة مطهرون لأن العيوب في الأشياء علم الفناء، وهم خلقوا للبقاء، وخص النساء بالطهر لما فيهنّ في الدنيا من فضل المعايب والأذى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٤١٧﴾
وقال ابن عاشور :
وجنات مبتدأ محذوف الخبر : أي لهم، أو خبرا لمبتدأ محذوف. وقد ألغي ما يقابل شهوات الدنيا في ذكر نعيم الآخرة ؛ لأن لذة البنين ولذة المال هنالك مفقودة، للاستغناء عنها، وكذلك لذة الخيل والأنعام ؛ إذ لا دواب في الجنة، فبقي ما يقابل النساء والحرث، وهو الجنات والأزواج، لأن بهما تمام النعيم والتأنس، وزيد عليهما رضوان الله الذي حرمه من جعل حظه لذات الدنيا وأعرض عن الآخرة. ومعنى المطهرة المنزهة مما يعتري نساء البشر مما تشمئز منه النفوس، فالطهارة هنا حسية ومعنوية.
وعطف ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ﴾ على ما أعد للذين اتقوا عند الله : لأن رضوانه أعظم من ذلك النعيم المادي ؛ لأن رضوان الله تقريب روحاني قال تعالى ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [التوبة : ٧٢].
وقرأ الجمهور :﴿رِضْوَانٌ﴾ بكسر الراء وقرأه أبو بكر عن عاصم : بضم الراء وهما لغتان.
وأظهر اسم الجلالة في قوله ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾، دون أن يقول ورضوان منه أي من ربهم : لما في اسم الجلالة من الإيماء إلى عظمة ذلك الرضوان. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٤٢﴾
﴿والله بَصِيرٌ بالعباد﴾
قال الفخر :
﴿والله بَصِيرٌ بالعباد﴾ أي عالم بمصالحهم، فيجب أن يرضوا لأنفسهم ما اختاره لهم من نعيم الآخرة، وأن يزهدوا فيما زهدهم فيه من أمور الدنيا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٧٤﴾
وقال الآلوسى :