لطيفة
قال ابن عجيبة :
كل من جحد أهل الخصوصية، وفاته حظه من مشاهدة عظمة الربوبية، حتى حصل له الطرد والبعاد، وفاته مرافقة أهل المحبة والوداد، لن تغني عنه - بدلاً مما فاته - أموالُ ولا أولاد، واتصلت به الأحزان والأنكاد ؛ كما قال الشاعر :
مَنْ فَاتَه منكَ وصلٌ حَظُّه الندمُ... ومَنْ تَكُنْ هَمِّه تَسْمُو به الهممُ
وقال آخر :
مَنْ فاتَهُ طَلَبُ الوُصُولِ وَنَيْلُهُ... مِنْه، فقُلْ : ما الذِي هُوَ يَطلُبُ!
حَسْبُ المحِبِّ فناؤه عما سِوى... مَحْبوبِهِ إنْ حاضِرٌ وَمُغَيَّبُ
وقال آخر :
لكُلِّ شَيء إذا فارقْتَهُ عِوَضٌ... وَلَيْسَ لله إنْ فارقْتَ مِنْ عَوِضِ
وفي الحكم :" ماذا وَجَدَ مَنْ فقدك ؟ وما الذي فَقَدَ مَنْ وَجَدَك ؟ لقد خاب مَنْ رَضِي دونك بدلاً، ولقد خسر من بغى عنك مُتحولاً ". فكل من وقف مع شيء من السِّوى، وفاته التوجه إلى معرفة المولى، فهو في نار القطيعة والهوى، مع النفوس الفرعونية، وأهل الهمم الدنية. نسأل الله تعالى العافية. أ هـ ﴿البحر المديد حـ ١ صـ ٣٢٦ ـ ٣٢٧﴾