ويقول سبحانه :﴿ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ فصار الدأب منهم، ومما وقع بهم، فإذا كانوا قد اعتادوا الكفر والتكذيب فقد أوقع الله عليهم العذاب. لقد كان دأب آل فرعون هو التكذيب، والخالق ـ سبحانه ـ يجازيهم على ذلك بتعذيبهم، ولتقرأ إن شئت قول الحق سبحانه وتعالى :
﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَالَّيلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِى الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْاْ فِي الْبِلاَدِ * فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾
[الفجر : ١-١٤].
فدأبهم التكذيب وجزاء الله لهم على ذلك هو العذاب والعقاب. إذن فقوله الحق :﴿ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ أي أوقع بهم العذاب في الدنيا، وكانت النهاية ما كانت في آل فرعون وثمود ومن قبلهم من القوم الكافرين.
وعندما تسمع قول الله :﴿ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ فالذهن ينصرف إلى أن هناك ذنباً يستحق العقاب. وكل الأمور من المعنويات مأخوذة دائماً من المُحسَّات ؛ لأن الأصل في إيجاد أي معلومات معنوية هو المشاهد الحسِّية، وتُنقل الأشياء الحسّية إلى المعنويات بعد ذلك.
لماذا ؟ لأن الشيء الحسِّي مشهود من الجميع، أما الشيء المعنوي فلا يفهمه إلا المتعقلون، والإنسان له أطوار كثيرة. ففي طور الطفولة لا يفهم ولا يعقل الإنسان إلا الأمر المحسوس أمامه.


الصفحة التالية
Icon