وأما مرتبة التكلم والخبر فمن تكلم بشيء وأخبر به فقد شهد به وإن لم يتلفظ بالشهادة قال تعالى قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم وقال تعالى وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم سنكتب شهادتهم ويسألون فجعل ذلك منهم شهادة وإن لم يتلفظوا بلفظ الشهادة ولم يؤدوها عند غيرهم قال النبي عدلت شهادة الزور الإشراك بالله وشهادة الزور هي قول الزور كما قال تعالى ﴿واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به﴾ وعند نزول هذه الآية قال رسول الله عدلت شهادة الزور الإشراك بالله فسمى قول الزور شهادة وسمى الله تعالى إقرار العبد على نفسه شهادة قال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم﴾ فشهادة المرء على نفسه هي إقراره على نفسه وفي الحديث الصحيح في قصة ماعز الأسلمي فلما شهد على نفسه أربع مرات رجمه رسول الله وقال تعالى ﴿قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين﴾
وهذا وأضعافه يدل على أن الشاهد عند الحاكم وغيره لا يشترط في قبول شهادته أن يتلفظ بلفظ الشهادة كما هو مذهب مالك وأهل المدينة وظاهر كلام أحمد ولا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين اشتراط ذلك وقد قال ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس ومعلوم أنهم لم يتلفظوا بلفظ الشهادة والعشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة لم يتلفظ في شهادته لهم بلفظ الشهادة بل قال أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة الحديث