قلت : أصح من هذا ما روى الأئمة عن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال :" ينزِل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأوّل فيقول أنا المِلك أنا المِلك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفِر له فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر " في رواية " حتى ينفجر الصبح " لفظ مسلم.
وقد اختلف في تأويله ؛ وأُولى ما قيل فيه ما جاء في كتاب النَّسائيّ مفسَّراً عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا قال رسول الله ﷺ :" إنّ الله عز وجل يمهِل حتى يمضي شطرُ الليل الأوّل ثم يأمر منادياً فيقول هل من داعٍ يُستجاب له هل من مستغفِر يغفر له هل من سائل يُعطى " صححه أبو محمد عبد الحق، وهو يرفع الإشكال ويوضح كل احتمال، وأنّ الأوّل من باب حذف المضاف، أي ينزل ملَكُ ربنا فيقول.
وقد روي "يُنزَل" بضم الياء، وهو يبيّن ما ذكرنا، وبالله توفيقنا.
وقد أتينا على ذكره في "الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى".
مسألة : الاستغفار مندوبٌ إليه، وقد أثنى الله تعالى على المستغفرين في هذه الآية وغيرها فقال :﴿وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [ الذاريات : ١٨ ].
وقال أنس بن مالك : أُمِرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة.
وقال سفيان الثورِيّ : بلغني أنه إذا كان أوّل الليل نادى منادٍ لِيقِم القانتون فيقومون كذلك يُصلّون إلى السحر، فإذا كان عند السحر نادى مناد : أين المستغفرون فيستغفر أُولئك، ويقوم آخرون فيصلون فيلحقون بهم.
فإذا طلع الفجر نادى منادٍ : ألا ليقم الغافلون فيقومون من فرِشهم كالموتى نُشِروا من قبورهم.


الصفحة التالية
Icon