وقالوا في المستغفرين : السائلين المغفرة، قاله ابن عباس وقال ابن مسعود وابن عمر، وأنس، وقتادة السائلين المغفرة وقت فراغ البال وخفة الأشغال، وقال قتادة أيضاً : المصلين بالأسحار.
وقال زيد بن أسلم : المصلين الصبح في جماعة.
وهذا الذي فسروه كله متقارب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٤١٨ ـ ٤١٩﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن لله تعالى على عباده أنواعاً من التكليف، والصابر هو من يصبر على أداء جميع أنواعها، ثم إن العبد قد يلتزم من عند نفسه أنواعاً أُخر من الطاعات، وإما بسبب الشروع فيه، وكمال هذه المرتبة أنه إذا التزم طاعة أن يصدق نفسه في التزامه، وذلك بأن يأتي بذلك للملتزم من غير خلل ألبتة، ولما كانت هذه المرتبة متأخرة عن الأولى، لا جرم ذكر سبحانه الصابرين أولاً ثم قال :﴿الصادقين﴾ ثانياً، ثم إنه تعالى ندب إلى المواظبة على هذين النوعين من الطاعة، فقال :﴿والقانتين﴾ فهذه الألفاظ الثلاثة للترغيب في المواظبة على جميع أنواع الطاعات، ثم بعد ذلك ذكر الطاعات المعينة، وكان أعظم الطاعات قدراً أمران أحدهما : الخدمة بالمال، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام :" والشفقة على خلق الله " فذكر هنا بقوله ﴿والمنافقين﴾ والثانية : الخدمة بالنفس وإليه الإشارة بقوله " التعظيم لأمر الله " فذكره هنا بقوله ﴿والمستغفرين بالأسحار﴾.
فإن قيل : فلم قدم ههنا ذكر المنفقين على ذكر المستغفرين، وأخر في قوله " التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله "
قلنا : لأن هذه الآية في شرح عروج العبد من الأدنى إلى الأشرف، فلا جرم وقع الختم بذكر المستغفرين بالأسحار، وقوله " التعظيم لأمر الله " في شرح نزول العبد من الأشرف إلى الأدنى، فلا جرم كان الترتيب بالعكس. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٧٦ ـ ١٧٧﴾
فائدة
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon