وعطف الصفات في قوله :﴿الصَّابِرِينَ﴾، وما بعده : سواء كان قوله ﴿الصَّابِرِينَ﴾ صفة ثانية، بعد قوله ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ﴾، أم كان ابتداء الصفات بعد البيان طريقة ثانية من طريقتي تعداد الصفات في الذكر في كلامهم، فيكون، بالعطف وبدونه، مثل تعدد الأخبار والأحوال ؛ إذ ليست حروف العطف بمقصورة على تشريك الذوات. وفي الكشاف ؛ أن في عطف الصفات نكتة زائدة على ذكرها بدون العطف وهي الإشارة إلى كمال الموصوف في كل صفة منها، وأحال تفصيله على ما تقدم له في قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [البقرة : ٤] مع أنه لم يبين هنالك شيئا من هذا، وسكت الكاتبون عن بيان ذلك هنا وهناك، وكلامه يقتضي أن الأصل عنده في تعدد الصفات والأخبار ترك العطف فلذلك يكون عطفها مؤذنا بمعنى خصوصي، يقصده البليغ، ولعل وجهه أن شأن حرف العطف أن يستغنى به عن تكرير العامل فيناسب المعمولات، وليس كذلك الصفات، فإذا عطفت فقد نزلت كل صفة منزلة ذات مستقلة، وما ذلك إلا لقوة الموصوف في تلك الصفة، حتى كأن الواحد صار عددا، كقولهم واحد كألف، ولا أحسب لهذا الكلام تسليما. وقد تقدم عطف الصفات عند قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ في سورة البقرة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٤٣﴾