ولما كان التقدير : فمن استمر على الإيمان فإن الله عظيم الثواب، عطف عليه قوله :﴿ومن يكفر﴾ أي يستمر على كفره ولم يقل حلماً منه : ومن كفر ﴿بآيات الله﴾ أي المرئيات والمسموعات الدالة على إحاطته بالكمال وقوفاً مع تلك الشبه وعمى عن الدليل فالله مهلكه عاجلاً ﴿فإن الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ولا كفوء له ﴿سريع﴾ قال الحرالي : من السرعة وهي وحاء النجاز فيما شأنه الإبطاء - انتهى.
ويحتمل أن يكون كنى بالسرعة عن القرب فالمعنى : قريب ﴿الحساب﴾ أي عن قريب يجازيهم على كفرهم في هذه الحياة الدنيا بأيدي بعضهم وبأيدي المؤمنين، ثم ينقلون إلى حسابه سبحانه وتعالى في الدار الآخرة المقتضي لعذاب الكفرة، ويحتمل أن تكون السرعة على بابها، والمراد أنه لا يتهيأ في حسابه ما يتهيأ في حساب غيره من المغالطة المقتضية للنجاة أو المطاولة في مدة الحساب المقتضية لتأخر الجزاء في مدة المراوغة والله تعالى أعلم.
ومن الكفر بالآيات الكفر بعيسى عليه الصلاة والسلام حين انتحلوا فيه الإلهية.
قال الحرالي : كان آية من الله سبحانه وتعالى للهداية، فوقع عندهم بحال من كفروا به، فكان سبب كفرهم ما كان مستحقاً أن يكون سبب هداية المهتدي، وكان ذلك فيه لمحل اشتباهه لأنه اشتبه عليهم خلقه بما ظهر على يديه من آيات الله سبحانه وتعالى، وفي التعريض به إلاحة لما يقع لهذه الأمة في نحوه ممن هو مقام الهداية فوقع في طائفة موقع آية كفروا بها. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٤ ـ ٤٥﴾


الصفحة التالية
Icon