فالجوابُ : أنا لا نسلم أن " فَعِيلا " يأتي بمعنى " مفعل "، وقد يؤول " أليم " و" سميع " على غير " مفعل "، ولئن سلمنا ذلك، فهو من الندور والشذوذ، بحيث لا يَنْقاس، [ وأما ] " فعيل " محوَّل من " فاعل " ؛ للمبالغة فهو منقاس ؛ كثير جداً، خارج عن الحصر، كعليم، وسميع، وقدير، وخبير، وحفيظ إلى ألفاظ لا تُحْصَى كَثْرَةً، وأيضاً فإن العربيَّ الْقُحَّ، الباقي على سجيته لم يفهم من " حكيم " إلا أنه محوَّل من " فاعل " ؛ للمبالغة، ألا ترى أنه لما سمع قارئاً يقرأ ﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ الله ﴾ [ المائدة : ٣٨ ] والله غفور رحيم أنكر أن تكون فاصلة هذا التركيب السابق ﴿ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، فقيل له : التلاوة :﴿ والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾، فقال : هكذا يكون، عَزَّ فَحَكَم فقط، ففَهِم من " حكيم " أنه محوَّل - للمبالغة - من " حاكم "، وفَهْم هذا العربيِّ حُجَّةٌ قاطعةٌ بما قلناه، وهذا تخريج سَهْل، سائغ جداً، يزيل تلك التكلفات والتركيبات التي يُنزّه كتابُ الله عنها، وأما على قراءة ابن عباس فكذلك نقول، ولا نجعل ﴿ إِنَّ الدِّينَ ﴾ معمولاً لِ " شَهِدَ " - كما فهموا - وأن ﴿ أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ اعتراض - يعني بين الحال وصاحبها، وبين معموله - بل نقول : معمول " شَهِدَ " هو " إنَّهُ " - بالكسر - على تخريج من خرج أن " شَهِدَ " - لما كان بمعنى القول - كسر ما بعده ؛ إجراءً له مُجْرَى القول.