، فهذا الطريق قد يذكره المحتج المحق مع المبطل المصر في آخر كلامه.
الطريق الثاني : وهو أن نقول : إن قوله ﴿أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ للَّهِ﴾ محاجة، وإظهار للدليل، وبيانه من وجوه :
الوجه الأول : أن القوم كانوا مقرين بوجود الصانع، وكونه مستحقاً للعبادة، فكأنه عليه الصلاة والسلام قال للقوم : هذا متفق عليه بين الكل فأنا مستمسك بهذا القدر المتفق عليه وداع للخلق إليه، وإنما الخلاف في أمور وراء ذلك وأنتم المدعون فعليكم الاثبات، فإن اليهود يدعون التشبيه والجسمية، والنصارى يدعون إلهية عيسى، والمشركين يدعون وجوب عبادة الأوثان فهؤلاء هم المدعون لهذه الأشياء فعليهم إثباتها، وأما أنا فلا أدعي إلا وجوب طاعة الله تعالى وعبوديته، وهذا القدر متفق عليه، ونظيره هذه الآية قوله تعالى :﴿قل يا أهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً﴾ [ آل عمران : ٦٤ ].