فصل


قال الفخر :
اختلف النحويون في قوله ﴿اللهم﴾ فقال الخليل وسيبويه ﴿اللهم﴾ معناه : يا الله، والميم المشددة عوض من يا، وقال الفرّاء : كان أصلها، يا الله أم بخير : فلما كثر في الكلام حذفوا حرف النداء، وحذفوا الهمزة من : أم، فصار ﴿اللهم﴾ ونظيره قول العرب : هلم، والأصل : هل، فضم : أم إليها، حجة الأولين على فساد قول الفرّاء وجوه
الأول : لو كان الأمر على ما قاله الفراء لما صحّ أن يقال : اللّهم افعل كذا إلا بحرف العطف، لأن التقدير : يا الله أمنا واغفر لنا، ولم نجد أحداً يذكر هذا الحرف العاطف
والثاني : وهو حجة الزجاج أنه لو كان الأمر كما قال، لجاز أن يتكلم به على أصله، فيقال ( الله أم ) كما يقال ( ويلم ) ثم يتكلم به على الأصل فيقال ( وَيْلٌ أُمُّهُ )
الثالث : لو كان الأمر على ما قاله الفراء لكان حرف النداء محذوفاً، فكان يجوز أن يقال : يا اللّهم، فلما لم يكن هذا جائزاً علمنا فساد قول الفراء بل نقول : كان يجب أن يكون حرف النداء لازماً، كما يقال : يا الله اغفر لي،
وأجاب الفراء عن هذه الوجوه، فقال : أما الأول فضعيف، لأن قوله ( يا الله أم ) معناه : يا الله اقصد، فلو قال : واغفر لكان المعطوف مغايراً للمعطوف عليه فحينئذ يصير السؤال سؤالين أحدهما : قوله ﴿أمنا﴾
والثاني : قوله ﴿واغفر لَنَا﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] أما إذا حذفنا العطف صار قوله : اغفر لنا تفسيراً لقوله : أمنا.
فكان المطلوب في الحالين شيئاً واحداً فكان ذلك آكد، ونظائره كثيرة في القرآن،
وأما الثاني فضعيف أيضاً، لأن أصله عندنا أن يقال : يا الله أمنا.


الصفحة التالية
Icon