ثالثها : لو كانت الميم بدلاً عن حرف النداء لما اجتمعا، لكنهما اجتمعا في الشعر الذي رويناه.
ومن أحكام هذه اللفظة أنها كثر دورها، حتى حذفت منها الألف واللام - في قولهم : لا هُمَّ - أي : اللهم.
قال الشاعرُ :[ الراجز ]
لاهُمَّ إنَّ عَامِرَ بْنَ جَهْمِ... أحْرَمَ حَجًّا فِي ثِيَابٍ دُسْمِ
وقال آخرُ :[ الرجز ]
لاهُمَّ إنَّ جُرْهُماً عِبَادُكَا... النَّاسُ طُرْقٌ وَهُمْ بِلادُكَا. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٢٢ ـ ١٢٤﴾

فصل


قال الفخر :
﴿مالك الملك﴾ في نصبه وجهان
الأول : وهو قول سيبويه أنه منصوب على النداء، وكذلك قوله ﴿قُلِ اللهم فَاطِرَ السموات والأرض﴾ [ الزمر : ٤٦ ] ولا يجوز أن يكون نعتاً لقوله ﴿اللهم﴾ لأن قولنا ﴿اللهم﴾ مجموع الاسم والحرف، وهذا المجموع لا يمكن وصفه
والثاني : وهو قول المبرد والزجاج أن ﴿مالك﴾ وصف للمنادى المفرد، لأن هذا الاسم ومعه الميم بمنزلته ومعه ( يا ) ولا يمتنع الصفة مع الميم، كما لا يمتنع مع الياء. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٤﴾
وقال ابن عادل :
قوله :﴿ مَالِكَ الملك ﴾ فيه أوجه :
أحدها : أنه بدل من " اللَّهُمَّ ".
الثاني : أنه عطف بيان.
الثالث : أنه منادًى ثانٍ، حُذِف منه حرف النداء، أي : يا مالكَ الملك، وهذا هو البدل في الحقيقة ؛ إذ البدل على نية تكرار العامل ؛ إلا أن الفرق أن هذا ليس بتابعٍ.
الرابع : أنه نعت لـ " اللَّهُمَّ " على الموضع، فلذلك نُصِبَ، وهذا ليس مذهبَ سيبويه ؛ لأنه لا يُجيز نعتَ هذه اللفظة ؛ لوجود الميم في آخرها ؛ لأنها أخرجتها عن نظائِرها من الأسماء، وأجاز المبرّدُ ذلك، واختارَه الزّجّاج، قالا : لأن الميم بدل من " يا " والمنادى مع " يا " لا يمتنع وصفه، فكذا مع ما هو عوضٌ منها، وأيضاً فإن الاسمَ لم يتغير عن حكمه ؛ ألا ترى إلى بقائه مبنيًّا على الضم كما كان مبنيًّا مع " يا ".


الصفحة التالية
Icon